المشاركات

عرض المشاركات من مايو, 2022

حزين ولكن….!

صورة
كنت اليوم على موعد مع امتحانين نهائيين، شغلا وقتي طوال الأمس، حتى نمت متأخراً ولم أُنهِ ما علي، فعقدت النّية أن أستيقظ باكراً لأكمل ما تبقّى. وفعلاً كان هذا، استيقظتُ باكراً، وليتني ما فعلت، حتى لا أرى هذا الصباح. فصباح اليوم لم يكن كغيره من الصباحات. شعرت بهذا من الوهلة الأولى.  خرجت إلى الشّرفة لأعرف ما السّر؛ فإذا العصافير لا تغرّد، وإذا الشمس باهتة رغم إشعاعها، والشّوارع من حولي حزينة، المُشاة على الطريق يحملون في داخلهم غصّة مؤلمة. لم ألبث يسيراً حتى علمت ما الخبر، علمت الغصّة التي احتوتها نفوس أولئك المشاة، وأبصرتُ الحزن الذي اختَزَنته الشوارع في أزقتها. حتى أنّ الطيور قد حدّثتني عن حدادها وحزنها.  إن نابلس كانت حزينة، بل كل فلسطين كانت حزينة، أجمع الشعب -وهو قلّما يُجمع على شيء- على حزنه؛ على الرغم من كثرة ما يفرّقه، فإنّ الحزن دائماً ما يوحده. وهيهات هيهات أن نتعلم ونستفيد من هذا، فنُجمع على قتال العدو المجرم، نُجمع على قتال من كان سبباً في حزننا ومآسينا، ولكن هيهات! أؤكد لكم صادقاً، إن كل فلسطين كانت حزينة، بل حتى العالم كله كان حزيناً، فما من حر شريف لا يحزن على المظ...

يوم التخرج

صورة
أحدّثكم اليوم عن يوم من أيام العمر القصير! نعم يا كرام، لا تعجبوا من كونه أياماً، ولا من كونه قصيراً، فالعمر ما هو إلا أيام معدودة، تُعدّ على الأصابع. ولتستبين هذا وتعيَ حقيقته انظر خلفك، وأخبرني كم سنة عشت؟ عشرين؟ أربعين؟ ستين؟ أخبرني كم يوماً تذكر من تلك السنين؟ كم يوماً تذكر من طفولتك؟ كم ساعة تذكر من حياتك المدرسية؟ كم موقفًا تذكر من حياتك الجامعية؟ أنا أزعم أن أحدنا لا يذكر إلا النزر اليسير من ذلك كله، قد يذكر البدايات، بمُرّها وحلوها، وقد يذكر النهايات سعيدها وتعيسها. وما بين ذلك فغالباً ما يضيع أدراج الرياح، يضيع بكل ما فيه، بلذاته وشهواته، وبغصّاته ومتاعبه. أستذكر هذا المعنى الذي دائماً ما يغيب عنا نحن بنو آدم، على أنه حقيقة قطعية لا ينكرها منا عاقل. أستذكره على ما رأيت اليوم، في يوم تخرج من سبقوني سناً، وربما علماً -ولكني لا أرجح-، فالعلم يا كرام ثوب بهي يلبسه المرء منا فيكسو صاحبه جمالاً بروحه وسمته وذوقه، جمال يظهر على قسمات الروح، قبل قسمات الوجه، جمال يظهر في الفعل لا في الشكل، وما رأيت اليوم شيئاً من هذا. فالمُتجمّل بالعلم لا يرضى بحفل صاخب في أوقات الأذان والصلاة، وصاحب ...

عيدكم يستصرخكم…

صورة
بهجة العيد، سعادة العيد، شعيرة العيد. هذه هي معاني ومباني العيد، فليس للعيد قيمة بمحسوس من لبس وطعام وشكل وزينة، إذا ذهب ما يقوم في القلب من بهجة وسعادة، وشعيرة تعظم لأجل الله وحده. وأحسب أننا ضيعنا هذه المعاني أو الكثير منها. يمر العيد على كثير من الناس بأجواء كئيبة أقرب ما تكون إلى أجواء رجل عشريني محكوم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، بعدما ضيع مستقبله بما عملت يداه، فينعزل عن العالم وعن معايشة الناس؛ ليقضي وقته مفكراً بهمه وحزنه!  إن الله شرع هذا العيد للمسلمين بدلاً عن أعياد الجاهلية وعباد الأوثان والأصنام، فإذا لم نقم بإحياء هذا العيد، فلا عجب أن نرى أبناء أمتنا متسولين على أبواب أعياد الجاهلية، يحتفلون بها، ويخوضون فيها، ويخرمون عقائدهم في سبيل إحياءها!  يا كرام إن للنفس حاجات ورغبات، والشريعة لم تأتِ معارضة أو مخالفة لطبائع هذه النفس ورغباتها، ولكنها  وجهت هذه الرغبات ووضعتها في موضعها المناسب. ألم تر أن الله قد حرم الزنا وشدد في عقوبة فاعله وجعله من الكبائر ولكنه أباح النكاح ورغب فيه وجعله مخرجاً مشروعاً لمن اتقى الله؟ أيضاً، ألم تر أن الله قد حرم أكل الخنز...