عام الكتابة


مع هذا المقال، أعلن عودة المقالات الشهرية على هذه المدونة المتواضعة، وليكن مقال هذا الشهر حديثاً حول تجربة الكتابة في العام الماضي، الذي سميت مقالاته مقالات عام الكتابة. سأشاركم انطباعات، أرقام، أثر التجربة على ذاتي.

لماذا أكتب؟

منذ قررت إنشاء المدونة وفي خلدي أنها أداة ووسيلة لتطوير أسلوبي في الكتابة، فلا أرى شيئا من التدوينات المنشورة مقالاً حقيقاً يستحق أن ينشر ويذاع ويقرأ، ولكني أشارك هذه المحاولات طمعا في الاستماع لآراء الأصدقاء وانطباعاتهم.

وبشكل عام تتباين أهداف الكُتاب، فمنهم -وهم الأغلب- من يكتب لمشاركة ما عنده من المعلومات والاستنتاجات. ومنهم من يكتب ليبوح بما في صدره لورقة لن تعاتبه ولن تثرب عليه ما يحمله في نفسه من أفكار ومعتقدات. ومنهم من يكتب ليخاطب الناس بما لم يسعفه لسانه وقدراته الخطابية على البوح والتعبير به، فيروج لأفكاره ويناقش معارضيه على ورقة بيضاء لا ترهبه كرهبته من مواجهة الناس، وأتذكر هنا أمير الشعراء أحمد الشوقي الذي ملأ شعره الآذان طرباً وجمالاً ثم هو نفسه يقال عنه بأنه يتلعثم في شعره كالغريق إذا طُلب منه أن يلقي شيئاً من قصائده.

والله سبحانه وتعالى وزع الأرزاق، ومن الأرزاق هذه المواهب، فمن الناس كاتب أريب متحدث مفوه، ومنهم من فاز بواحدة، ومنهم من لم يظفر بأي منهما ولكن هيئ الله له رزقا في مكان آخر، وهذه سنة الله في خلقه، ومن رحمته التي قسمها بين عباده: ﴿أَهُم يَقسِمونَ رَحمَتَ رَبِّكَ نَحنُ قَسَمنا بَينَهُم مَعيشَتَهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَرَفَعنا بَعضَهُم فَوقَ بَعضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعضُهُم بَعضًا سُخرِيًّا وَرَحمَتُ رَبِّكَ خَيرٌ مِمّا يَجمَعونَ﴾ [الزخرف: ٣٢]. وفي هذا إشارة إلى أن التفاضل بين العباد في مواهبهم وأعمالهم قصد ليُسخر بعضهم لبعض؛ ولو تساوى الناس في كل شؤونهم لتعطلت مصالحهم ومنافعهم.

ومن الكتاب من يكتب استجابة لجني يتنزل عليه فيزين له أبياتا وصوراً تحكى وتروى، ومن ذلك ما يحكى عن وادي عبقر الذي ينسب إليه الناس حين يقولون فلان عبقري، فهو وادٍ في اليمن قيل أنه مسكن لجنيات الشعر، فمن بات فيه ليلة جاءته الجنية تلقنه الأشعار، فإذا كان أهلاً للشعر لازمته الجنية وصار شاعراً أديباً. فالعرب تتوارد أن لكل شاعر جنية توحي إليه بشعره، حتى أنهم كانوا يسمونها، فيقولون جنية فلان اسمها كذا.

ومن عجيب تلك الأخبار ما روي عن جرير بن عبد الله البجلي بأنه خرج في الجاهلية يريد السقاية من بئرٍ؛ فامتنع بعيره من التقدم، فعقلها وتقدم هو، فوجد قوماً وجوههم شوهاء يجلسون حول البئر، ويتقدمهم رجل أشد منهم تشويها، فقالوا: هذا شاعرنا، فاستنشده جرير، فأنشد: 

"وَدّع هُرَيرَةَ إِنّ الرَكبَ مُرتَحِلُ وَهَل تُطيقُ وَداعاً أَيّها الرَجُلُ"

 إلى آخرها، فقال جرير: لولا أن الأعشى أنشدني إياها من قبل لقلت أنها لك، فقال: صدقت أنا شيطانه الذي أوحى بها إليه، أنا مسحل بن أثاثة. وغيرها من القصص والعجائب. وهذا التنزل الشيطاني هو من جملة ما اتهمت به العرب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالو هو جنيٌ يتنزل عليه فيعلمه ما يأتينا به من القرآن، فألجمهم الله تعالى فقال: ﴿وَما تَنَزّلَت بِهِ الشّياطينُ ۝ وَما يَنبَغي لَهُم وَما يَستَطيعونَ ۝ إِنّهُم عَنِ السّمعِ لَمَعزولونَ﴾ [الشعراء: ٢١٠-٢١٢]. وللجن باع في الأدب، وقد حفظ العرب شيئاً من أشعارهم، ولهذا الشعر وقع خاص إذا قرأته، فمن وجد نفسه مهتما به فليراجعه في مظانه.

 وللكتاب مآرب كثيرة لا تخطئها العين، وأتعس هؤلاء من جعل قلمه أجيراً لسلطان أو هوى، فهو يزين به الباطل، ويلبس به الحق على الناس، وهؤلاء من جملة الأدباء الذين قال الله فيهم: ﴿وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوونَ ۝ أَلَم تَرَ أَنَّهُم في كُلِّ وادٍ يَهيمونَ ۝ وَأَنَّهُم يَقولونَ ما لا يَفعَلونَ﴾ [الشعراء: ٢٢٤-٢٢٦].

وأنا الفقير الضعيف في هذا الميدان وبين هؤلاء الكُتاب أرجوا من الله تعالى أن يكون قلمي قلم رصاص، يمحو العثرات بممحاة، ويخط في القلوب آثراً نحو الخير والسداد، تخلية قبل التحلية. فهو وسيلة ترويجية لا لتجارة أو بضاعة محسوسة، بل هي بضاعة وجدانية فكرية، تدوم في النفوس، وليس أصحاب التجارات والأسواق بحرصهم على جمع المال بأحرص مني، ولكن حرصي أن أكون صالحا في ذاتي فيما أكتبه، مصلحا فيمن يقرأ هذه الكلمات.

والكلمة إن حوت فكرة كانت أقوى ما في الوجود ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ورجائي من المولى ألا يكون حظنا في هذه الدنيا كلامٌ كثير وفعل قليل، بل كلام يوافق الفعال وذلك والله مطلب عزيز بلغنا الرب إياه.

هل هناك من يقرأ هذه التدوينات؟ 

أعلم أن سوق القراءة اليوم سوق كاسد، وأعتقد أن سوق المقالات مثل ما أكتبه هنا أكثر كساداً، فأنا أتفهم أن هذه الكتابة ليست أفضل وسيلة ترويجية للأفكار في هذا العصر، إلا أنني راضٍ بدائرتي الضيقة التي تقرأ ما أكتبه، خصوصاً وأن ما يكتب هنا مجرد محاولات وممارسات تدريبية؛ تحتاج مزيداً من النظر والمراجعة والتطوير.

وهناك الكثير من الأصدقاء دائما ما يحدثونني بأنهم يتمنون لو يقرأون المقالات، ولكنها طويلة مرهقة، لا يصبرون عليها، وهذا أكثر اقتراح تقترحه أمي، أن تكون المقالات أقصر. وبنظرة موضوعية فإن متوسط عدد الكلمات في مقالاتي قرابة 1800 كلمة ولا أتصور أن هذا عدد كلمات كبير أو أنها مقالات ضخمة إلى ذلك الحد الذي يدعو إلى العزوف عنها، إلا أنني كذلك أتفهم الإنسان المعاصر الذي لا يصبر على شيء يحتاج إلى صبر ومجاهدة، وأحيانا أكون أنا ذلك المشتت الذي لا يصبر على النصوص الطويلة، فالأمر يسير. وللمفارقة فإن لدي صديقاً يطلب مني أن تكون المقالات أطول.

أرقام وإحصائيات

 ولأكون أكثر وضوحاً فسأنقل فيما يلي شيئا تفصيليا لأرقام وإحصائيات المدونة:

  • متوسط عدد كلمات المقالات:
عدد كلمات مقالات عام الكتابة ومتوسطها الحسابي
  • عدد زيارات المقالات بالمجموع أكثر من 5500 زائر. وأعتقد أن هذا الرقم ليس دقيقاً، فلا أعتقد أن هناك 5500 شخص قرأ مقالاتي، فالبعض يدخل الرابط عن طريق الخطأ ويهرب مباشرة، والبعض يدخل فيرى النص طويلاً فيهرب أيضا، والبعض يدخل الرابط عدة مرات لينهي قراءة واحدة، وأحيانا أدخل أنا لأتفقد المظهر أو أعدل الأخطاء، وكل ذلك يحصيه الموقع على أنه زيارة، فربما يكون الرقم الحقيقي ثلث هذا الرقم.
خط زمني يوضح مرات المشاهدة منذ بداية المدونة.
  • الدول الأكثر قراءة -مرتبة-: فلسطين، ثم السعودية، ثم الولايات المتحدة ثم فرنسا ثم الأردن. وكل هذه الأماكن متفهم أن يكون لي قراء فيها، فهي أماكن عشت فيها وكونت فيها علاقات ولي في صحب وأصدقاء، فمن الطبيعي أن يتابعوا ما أكتبه. إلا الولايات المتحدة فهي استثناء غريب، حتى أنني لا أذكر أن لي أصدقاء من هناك.
خريطة العالم عليها تدرج لوني لأكثر الدول زيارة للمدونة.
  • القراء من مستخدمي الآيفون يتفوقون على مستخدمي الأندرويد. 
  • أغلب القراء يأتون عن طريق الإنستغرام. 
  • أكثر المقالات زيارة: مقال: كيف ربانا أحمد؟ ، وهو درة مقالات عام الكتابة ولا يليق التتويج إلا لأحمد -رحمه الله وتقبله في الفردوس-، والفضل لإخواني الأحباب الذين شاركوني في كتابته، فهو المقال الوحيد الذي لم أكتبه وحدي. ثم يأتي بعده المقال الأول خلال العام: العزلة وهوس الإنجاز. أما أقل المقالات زيارة فمقال: أبوة الشيوخ. على أنه مقال قريب من قلبي.
  • عدد المقالات خلال عام الكتابة 13 مقالا.
  • عدد متابعي المدونة: 12 متابعا. 
  • عدد التعليقات على المدونة: 9 تعليقات. وأكثر التعليقات تأتي على وسائل التواصل الاجتماعي. 

ثغرات سدتها الممارسة

بشكل عام فلا أحب أن أرجع إلى قراءة النصوص التي كتبتها، أو قل أنني أخجل من ذلك أحياناً! وبالرغم من هذا فإنني أرغم نفسي على ذلك أحياناً، لتطوير النصوص وللنظر للنص بعين أخرى، فالنظر للنص لحظة كتابته يحجب عن الكاتب رؤية الأخطاء السياقية والإملائية، فلهذا كان من جيد النصائح التي وجهت لي في الثانوية أن أكتب المقال ثم أتركه أياماً ثم أراجعه ثم أنشره أو أرسله، ولهذه الممارسة أثر جيد في مراجعة النصوص وتحسينها.

في هذه الأيام وفي لحظة التقويم وإعادة النظر في التجربة السابقة، حين أقرأ المقالات الأولى على هذه المدونة أو ما قبلها وأقارنها في المقالات التي تليها فإن عيني لا تخطئ تطوراً أحمد الله عليه في أسلوب الكتابة، وأعتقد أن هذه واحدة من أهم الثغرات في نصوصي: ضعف السرد وضياع التسلسل والحبل الناظم من يدي القارئ، مما يشتت الفكرة ويجعل القارئ يشعر بالملل، فأعتقد أن الممارسة عالجت شيئاً من هذه الثغرة.

ثغرة العرنجية

كذلك من الأمور التي صارت تشغل ذهني في الأيام الأخيرة حول الكتابة، خوفي من استعمال بعض التعبيرات العرنجية، وهذه المتلازمة والتخوف جاء نتيجة قراءة كتاب الترجمان أحمد الغامدي "العرنجية", وأعترف أني أسايس نفسي في كل يوم من الأيام السابقة لأعود للكتابة على مدونتي، ولكن هذا الكتاب والتخوف من العرنجية أوجد لي مبرراً لأسوف وأماطل أكثر، بل إن الأمر أبعد من ذلك، فهذه الكلمات التي أكتبها الآن تحدثني نفسي وتقول: وما يدريك لعل هذه أيضاً من العرنجية! وأعترف أن كثير من التعبيرات العرنجية التي مرت بالكتاب لربما استعملتها مرات ومرات فيما أكتبه.

ومختصر فكرة العرنجية أن كثير من تعبيرات الكُتاب اليوم مباعدة عن أساليب العربية النقية، فهي لغة مذبذبة؛ عربي ظاهرها، إفرنجي باطنها. فهي لغة بلسان عربي هجين. سميت بالعرنجية. يقول علي الجارم رحمه الله في وصف عجمة الأساليب هذه: 

"نقرأ لبعض الكتاب كتابة عربية في غير ردائها العربي الصميم، فظهرت مضطربة مختلفة الألوان. هي أشبه بأعرابي انتزعته من البادية وأبقيت له خُفيه وشملته، ثم أضفت إلى كل ذلك ما يحلو لك من ملابس فرنجية فبدا في زي عجيب تقتحمه العيون. لا هو بزي العرب ولا بزي الأعاجم. وإذا عرض لكم شكٍّ أيها السادة في بعض ما أقول فإن أيسر ما يذهب بهذا الشك أن تعرضوا إلى قطعة مما يكتب هذا الصنف من الكتاب، وأن تجربوا بأنفسكم بوضع كلمة أجنبية مكان كل كلمة عربية، فإن استقام لكم ذلك من غير كلفة ورأيتم أنكم خرجتم بعد هذا العمل اليسير بقطعة فرنسية أو إنجليزية صادقة التعبير صحيحة المعاني، فاعلموا أنني صدقتكم الحديث وأني لم أكن مبالغاً ولا مغرقا."ص168 العرنجية.

الجميل في الكتاب أنه أتى ببلية عمت بها البلوى ولكن غفل عنها الكثير من الكتاب والأدباء بل ومن المنتصرين للغة، وكثيرًا ما يتحدث طلاب العلم عن هجران الناس للعربية وبعدهم عنها وتفرنج ألسنتهم ولكن القليل من يدرك دقيق ما ورد هنا. وقد حاولت أكثر من مرة أثناء قراءة الكتاب أن أشرح عجمة الأساليب التي نعانيها ودائما ما كان المستمع يفتح فمه ويقول: اه، فأعرف أنه لم يسمع بهذا الكلام من قبل.

إن نشر الوعي اللغوي المتعلق بالأساليب من أولى ما لابد لمن وهب نفسه لنصرة للعربية أن يتحدث فيه، ولربما تكون أولى ما يبدأ به في تقويم الألسنة، لاسيما بعد تخليصها من عجمة المفردات. وهذا ميدان لا يقوم بفرد أو اثنين، بل هو ميدان لابد أن ينبري له العلماء وأصحاب التأثير ولابد لهذا الوعي أن ينشر عن طريق متطلبات العصر، فجميل أن تقدم مواد مرئية -وربما تكون تدريبية- على اليوتيوب تتعلق بهذا الموضوع. وقد يسهل عمل مقاطع صغيرة على مواقع التواضل الاجتماعي يتحدث في كل مقطع منها عن تعبير عرنجي واحد مع معالجته.

وحري بي أن أشير أني قرأت كتاب اللقاءات المشرقية والذي ترجمه مؤلف العرنجية -أحمد الغامدي- ويشهد الله أن استمتعت به أعظم استمتاع، فانحوا يا مترجمينا نحو الترجمان عسى الله يجري على يديكم أدباً لذيذا يحيي اللغة ويعيد رونقها الجميل.

مادة المقالات

اعتمدت في مقالات عام الكتابة على العشوائية في تحديد الموضوع، فكان الشهر يبدأ وليس في نفسي ما يمكن أن يكتب، وليس عندي مادة تليق بمقال، وتمضي أيام الشهر، وأسير في قراءتي المعتادة، فيقدر الله موقف من هنا، وفكرة جميلة من كتاب هناك، فأجمعها في ذهني فأصيغها على شكل تدوينة أضعها بين يديك.

وأعتقد أن هذه العشوائية أكثر تشويقاً وتتيح الفرصة للإبداع أكثر من أن أصوغ سلسلة حول موضوع واحد فأكتب عنه كل شهر من الشهور، والصراحة أعتقد أن في هذا الأسلوب تخصصية أكبر من قدري. أو يكون حالي في ذلك تكراراً لغيري، وليست العبرة بأن أملأ نصوصاً ونقولا، بل أحب أن يكون في هذه المقالات شيء من لمستي الشخصية وذاتيتي.

وأشير هنا بأني قبل أيام قرأت يوميات فقيه حنبلي من القرن الخامس الهجري، وهي يوميات أبو علي الحسن ابن البناء على حوادث عصره، وهي اليوميات هي أقدم يوميات خاصة مكتشفة في التاريخ الإنساني. ولمست فيها جميل ما يمكن أن يبقى تاريخيا لهذه الذاتية في الكتابة، وما يمكن أن تعكسه عن الأوضاع الاجتماعية وطبائع الناس في زمن ما، وقد يعنى المؤرخون بتدوين وتسجيل أحداث سياسية كبرى في كل زمان، ولكن في كثير من مراحل التاريخ نفقد التأريخ الاجتماعي للأمم والشعوب.

وهذا التدوين أصيل لدينا كشعوب مسلمة فقد أبان المحقق في مقدمته وخاتمته بأن فن كتابة اليوميات هو فن قديم لدى طلاب العلم المسلمين وخصوصا طلاب الفقه والحديث، وكشف فيه عن الترابط بين علم الحديث ومصطلحه وبين كتابة اليوميات، وكيف أن المادة الخام لكتب التراجم هي اليوميات الرائجة في ذلك الزمن.

أما في كتابتي ففي نفس الوقت لا أحب أن أغرق في الذاتية فأصير كتاباً مفتوحاً للقارئ، بل أبقى بين الذاتية والموضوعية، عوان بين ذلك. ولربما أكون موجوداً في ميدانٍ آخر أكثر موضوعية، وفي ميدان ثالث أكثر ذاتية، ولكل مقام مقال.

لماذا التوقف؟ 

توقفت في بداية العام لأعيد النظر في التجربة السابقة، وأحسب أني قيمت هذه التجربة بما فيه الكفاية، واستشرت وسألت كثيراً من المختصين والكتاب وسمعت منهم، وأسال الله عز وجل أن ينفعني بذلك. كما أنني توقفت بسبب الحرب التي يمر بها أهلنا في غزة، فالاستضعاف والقهر يجر المرء أحياناً إلى مربعات القعود عن العمل والتوقف عن السعي، وقيل "هنيئاً لمن لم تعطله الأحزان  عن السعي" وهذا مقام كبير بلغنا الله إياه. 

والحق أن ما يمر به أهلنا في غزة لابد أن يكون دافعاً للبذل فيما يرفع عن هذه الأمة المكلومة الأغلال التي عليها ويسهم في قيام أبنائها من دركات التفاهة، أو أودية الشهوات والشبهات. وأحتسب في كلماتي على هذه المدونة نصرة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكلمة الحق التي ضُيعت كثيراً اليوم، ودعوة لكل فضيلة، وترغيباً بالعلم وأهله وتشيجعاً على كلمة الله الأولى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "اقرأ". وهذه هي أهدافي التي لا تخفى والتي أسأل الله عز وجل أن يبلغها قلباً صادقاً ينتفع بها.

وإلى هنا يكفي عزيزي القارئ فأعتقد أني شرقت وغربت بما فيه الكفاية وأتمنى ألا أكون قد أمللتك، ألقاك بإذن الله في شهر قادم في مقال جديد. شكر الله لك على صبرك. 

ثاني أيام عيد الأضحى عام 1445هـ. 

نابلس -فلسطين. 




تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مراجعة كتاب "طليعة الاستهداء بالقرآن" للشيخ بدر آل مرعي

مراجعة كتاب سبيل المصلحات - الشيخ أحمد السيد حفظه الله

ليل الأسرى بين الغفلة والنسيان

الشيخ خباب الحمد: علمٌ أسير

مراجعة كتاب قلق السعي إلى المكانة – آلان دو بوتون

فوق السماء وتحت النجوم

تدبرات إصلاحية في قصة نبي الله شعيب